وإذا كان المنتخب اللبناني فرض نفسه رقماً صعباً في اللعبة آسيوياً وعربياً, في السنوات الثماني الأخيرة, تجلّى في خوضه بطولة العالم مرتين (2002 و2006), واحتلاله مركز متقدّم على صعيد التصنيف العالمي (24 حالياً) والآسيوي (ثالث حالياً), في ظل كوكبة من المواهب والنجوم أنجبها دوري منتظم وقوي وسياسة سلوية استشرفت الغد منذ منتصف التسعينيات بقيادة عرّاب اللعبة لبنانياً أنطوان الشويري, فإن الأمر انعكس في السنين الأربعة الأخيرة, حيث قلّت الوجوه الجديدة القادرة على المضي في حمل الشعلة, في وقت باتت الحاجة ماسة لدماء نضرة في ظل اقتراب كثير ممن حملوا لواء علم الأرز من الاعتزال أو انخفاض مردود بعضهم للتقدم في العمر "الرياضي", وذلك للمحافظة على نصاعة السجل الذي خطته أجْبنٌ أعطت اللعبة ولبنان الكثير.
ويعود عدم بروز نجوم جديدة بالعدد الكافي لعدة أسباب إحداها لا ناقة لأحد فيه ألا وهو العصف السياسي والأمني الذي شهده لبنان منذ شباط/فبراير 2005, والذي كان استمرار تنظيم البطولة معه أشبه بالإعجاز أحياناً, فأتت ولادتها أكثر من مرة قيصرية وبطبيعة الحال كان لذلك انعكاس على تحضيرات الفرق وإقبال اللاعبين على التدريب والانتظام, أما ثانيها فالخضّات الإدارية التي ضربت اللعبة والنوادي وصدّعت بنتيها, فكان أكثر من قطوع عاشته تلك الرياضة نتج عنه ركوداً بل تراجعاً قسرياً طال مرافقها كافة, مع انفراط عقد نواد كبرى, لكن ذلك قابله إصرار عند المؤمنين بالسلة على تجاوز تلك المحن, والتفتيش قدماً عن نوافذ مضيئة ينفذون من خلالها مجدداً نحو نجاحات أخرى تبدو لناظريها من اللبنانيين قريبة, أما ثالثها التأثير الكبير الذي تركه عزوف أنطوان الشويري عن اللعبة من بضع سنين خلت, فباتت من حينها من دون هيكلية ورؤية طويلة الأمد, إذ فرض الواقع أن ينحصر الهدف بإنعاشها للاستمرار بها وعدم التفريط بإرث يعده اللبنانيون كنزاً وطنياً.
أمام هذا الواقع وحيث أن الحاجة لدفع قوي باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى في ظل ارتفاع مستوى بطولة آسيا مع وجود المارد الصيني والأردن وإيران, التي تشهد نمواً مطرداً تعيش أوجّه حالياً, وقطر وكازاخستان وكوريا الجنوبية واليابان وتطور السلة الفيليبنية الكبير, كان لا بد من حلّ ناجع يستدرك به القيّمون على السلة اللبنانية الوضع المستجدّ, فكان الدواء الاستعانة بأبناء الجالية اللبنانية المنتشرة في أصقاع الأرض, فبدأ اتحاد السلة اللبناني برئاسة بيار كاخيا, المهمة الشاقة بالبحث عن مواهب لبنانية تغذّي المنتخب, وتم تداول الكثير من الأسماء, من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وبعض دول أميركا اللاتينية, وأوروبا, وقد وجد الاتحاد ضالته في بعضها, ونجح بالظفر بها, فيما لم يكن البعض الآخر على قدر المستوى, أو لم تفضِ المفاوضات مع آخرين إلى النتائج المرجوّة, خصوصاً أن منهم, أي اللاعبين, من استدعي لمنتخب الدولة التي يعيش فيها, والمعروف أن الدول التي ذكرناها تملك المستوى العالمي الرفيع في كرة السلة.